أكّد نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي، في حديث له، أنّه "نظرًا إلى حساسية موقع حاكم مصرف لبنان وأهميته، فقد كان من الأفضل في رأيي تعيين حاكم أصيل بعد نهاية ولاية رياض سلامة"، مشيرًا إلى أنّ اختيار الاسم البديل، يمكن أن يتمّ بالتشاور والتوافق بين جميع القوى الداخلية الأساسية، بمن فيها تلك غير الممثلة في الحكومة الحالية، بحيث يأتي الاسم محصّناً ومستظلاً بمظلّة واسعة، على أن يكون صاحب خبرة ولا غبار عليه".
وحول تعيين حكومة تصريف أعمال لحاكم مصرف لبنان وفرضه على الرئيس المقبل، أوضح أنّه بمعزل عن الاجتهادات الدستورية المتباينة حول صلاحيات حكومة تصريف الأعمال، فإنّ للضرورة أحكامها، والضرورات تبيح المحظورات أحياناً، متسائلاً: "ماذا لو تأخّر انتخاب رئيس الجمهورية وقتاً إضافياً بعد؟ هل نبقى بلا حاكم أصيل للبنك المركزي في مرحلة لا تتحمّل أي شغور على مستوى إدارة الوضع النقدي؟".
وشدّد الشامي على المطالبة ب "تعيين حاكم جديد انطلاقاً من مقتضيات المصلحة العليا بالدرجة الأولى، وفي الأساس الدساتير والقوانين توضع لخدمة الناس وليس العكس، أما بالنسبة إلى دور رئيس الجمهورية في هذا المجال، فمن المعروف أنّ مجلس الوزراء مجتمعًا هو الذي يعيّن أصلاً الحاكم، واذا حصل توافق عريض عليه يشمل كذلك القوى الموجودة خارج الحكومة، يكون الاسم قد اكتسب حينها شبه إجماع وطني، ولا أظن أنّ أي رئيس للجمهورية يمكن أن يرفضه في مثل هذه الحالة".
وإزاء تعذّر تعيين حاكم جديد لأسباب عدة، فقد أكّد الشامي أنّه "لا بدّ عندها من أن يستلم النائب الأول للحاكم وسيم منصوري صلاحيات سلامة كاملة"، مشيراً إلى أنّ "هذا الاستلام يجب أن يكون جدّياً وشاملاً، لأنّ الموقع لا يتحمّل وجود نصف حاكم، أو حاكم لتصريف الأعمال الإدارية، بل المطلوب من منصوري أن يصدر بالتعاون مع المجلس المركزي، كل القرارات والتعاميم الضرورية، وأن يدير السياسة النقدية، لأنّ البلد لا يُترك بلا إدارة من هذا النوع".
ولفت الشامي إلى "أنني أعرف أنّ التحدّي كبير وصعب، وأنّ أي شخص يتولّى حاكمية مصرف لبنان في هذا الظرف سيتهيّب الموقف وسيشعر بجسامة المسؤوليات الملقاة على كاهله، ولذلك عليه أن يكون من فئة الـ"كاميكاز".
وأضاف: "أنا أنصحه بأن يقفل هاتفه ولا يستمع سوى لضميره، وأن يطبّق مبدأ استقلالية الحاكمية بعيداً من المؤثرات السياسية".
كما أكّد الشامي أنه "ليست هناك أي نية بالتمديد لسلامة في موقعه، وهذا الأمر لم يُطرح في أي مرّة جدّياً".
وعن مخاوف البعض من تداعيات مغادرة سلامة على سعر الدولار، استغرب الشامي هذا التخوف، لافتاً إلى أنّ "الدولار حقق أساساً قفزاته الهائلة في أيام سلامة، ثم إنّ تثبيت السعر لا يتوقف على شخص إنما على السياسة المعتمدة".
وأشار إلى أنّ تدفق دولارات السياحة والمغتربين في فصل الصيف، إلى جانب إخراج المواطنين أموالهم من المنازل للإنفاق على شراء احتياجاتهم، أدّيا إلى أن يصبح عرض الدولار أكثر من الطلب عليه، ما أنتج نوعاً من الاستقرار المرحلي في سعر الصرف، لكن يبقى الأهم تنفيذ كل الإصلاحات المطروحة في خطط الحكومة، والتي تمّ على أساسها الاتفاق الأولي مع صندوق النقد الدولي.
ولفت إلى أنّ الإصلاحات وحدها القادرة على تأمين حماية مستدامة للعملة الوطنية، إلاّ أنّ تطبيقها يتطلب أولاً انتخاب رئيس جمهورية ثم تشكيل حكومة اصلاحية تملك شجاعة اتخاذ القرارات المناسبة حتى لو كانت مؤلمة أحياناً.
وشدّد الشامي على وجوب منح الحكومة المقبلة صلاحيات استثنائية في مجالات محدّدة ومحدودة، حتى تستطيع تنفيذ الإصلاحات المتأخّرة، لأنّ الوقت بات داهماً، وبالتالي لم نعد نملك ترف انتظار الوتيرة البطيئة في نشاط المجلس النيابي، الذي يستغرق كثيراً من الوقت في مناقشة كل مشروع إصلاحي يُحال اليه، علماً أنّه إذا أخفقت الحكومة في مهمّتها يمكن للمجلس أن يسحب الثقة منها.